]نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، عابدةٌ، صالحة، قانتة، ذات علمٍ وأدب ورأي حصيف، وصاحبة دراية ومعرفةٍ بالأمور،
كانت من أفضل النساء في رعاية زوجها وبيتها وأسرتها، ومن أحسنهنَّ اتقاناً لفنِّ إدارة المنزل الذي كانت تعمره بالعبادة والذكر والتربية الحسنة، وحسن التعامل مع زوجها الذي كان يسعد بها كلَّ السعادة ويصرِّح لها بجمال ما أودع الله فيها من صفات حسنة شكلاً ومضموناً، فما تردُّ عليه إلا بوجهٍ بشوش، وكلماتٍ راقيةٍ تدل على أدبها الجمّ.
كانت تقول لمن تجالسه من النساء: ويلٌ لمن عصى ربَّه، وخالف أمره، وأعرض عن ذكره، واتبع هوى نفسه، وتقول: الطاعة قلب الإيمان، والعبادة جسده، والزُّهد رداؤه، والصدق حجته، والإخلاص بهجته، والعفو عمن أساء أجمل وأحسن بالمؤمن لقوله - تعالى - {$ّأّن تّعًفٍوا أّقًرّبٍ لٌلتَّقًوّى} وكانت صاحباتها يجدن من الأنس بمجلسها ما لا يجدنه عند غيرها، وتجد صدورهنَّ من الانشراح، وقلوبهنَّ من الارتياح ما يجعلهن ينظرن إليها نظر التلميذ بشيخه، ويردِّدن معها قولها: العبد الطائع لله - عز وجل - حجَّة قائمةٌ على العباد العُصاة، الذين يتجرؤون على الله.
وكانت تُملي على النساء إملاءاتٍ ترفع من همِّتهن، وترقى بعقولهن، وتُثلج صدورهنَّ، ومن إملاءاتها قولها: اللهم إني أعوذ بك من كلام السوء، وفعل السوء، ومُراد السوء، وجار السوء، اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز، ولا إلى أحدٍ من خلقك فأضيع، اللهم ألهمني رشدي، وأحسِنْ رِفْدي، وأصْلِحْ عشرتي، واغفر زلَّتي، وقني شرَّ وساوس الشيطان، وأجرني منه يا رحمن، حتى لا يكون عليَّ سلطان، وصلى الله على سيدنا محمد صاحب الشريعة والبرهان آمين.
وكانت تغمر من يجلس إليها بالمودة، وتُفيض عليهن من التوجيه والعلم وتقول لهن: إذا واظب المؤمن على قراءة سورة {قٍلً يّا أّيٍَهّا پًكّافٌرٍونّ}، أماته الله على الإيمان الكامل لأن فيها براءة من عبادة غير الله، ومن قرأ سورة الإخلاص دبر كل صلاة أمن من وسواس الشيطان، وكان ممن أخلص نيته لله -إن شاء الله، وممن وجَّه عمله إلى الله - تعالى -.
وكانت ترحل بمن يجلسن إليها في عوالم مشرقة من الكلام النافع المفيد، وتنأى بهنَّ عن الغيبة والنميمة، وإضاعة الأوقات فيما لا يفيد، فما كانت تخرج إحداهنَّ من مجلسها إلا وقد جدَّدت ما بلي من عزيمتها، ورفعت ما انخفض من همَّتها، مع لُطْفٍ ومودةٍ وحسن منطق تمتلئ به نفسها.
قالت: من أراد النجاة من الفقر فعليه بقراءة سورة الواقعة، وقد ذكر هذا عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ومن أراد الثبات على الإسلام فعليه بقراءة سورة تبارك، ومن أراد النجاة من عطش يوم القيامة فعليه بقراءة الفاتحة ومن أراد الشُّرْب من حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - فعليه بقراءة إنا أعطيناك الكوثر و وكانت تحرص على ربط نفسها ومن تجالسهن بالقرآن الكريم، وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبما تحصِّله من العلم النافع والمعرفة المفيدة، مع أنها كانت صاحبة درايةٍ وإتقانٍ في شؤون منزلها، ورعاية زوجها وأبنائها، نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب: شجرة طيبة في واحةٍ طيبةٍ، امرأة مسلمة، قوية الشخصية، راجحة العقل، ذات علم ومعرفة وأدب جم، ليست عاطلةً من عمل الدنيا؛ لأنها تدير مملكتها الخاصة بها، وليست غافلة عن عمل الآخرة، كأني بها توجه رسالتها إلينا جميعاً، وإلى بنات جنسها خاصة قائلة: ما أجمل الثبات على الحق وأسعد صاحبه.
[/right]
[/b][/size][/font]