الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، الفاتح على المستغفرين الأبواب. والميسر للتائبين الأسباب، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم: أما بعد:
ولماذا نتوب؟
قد يسأل سائل: لماذا أترك المعصية وأنا أجد فيها متعتي؟... لماذا أدع مشاهدة الأفلام وسماع الأغاني وفيها راحتي؟ ولماذا أمتنع عن المعاكسات الهاتفية وفيها اُنستي؟ ولماذا أتخلى عن النظر إلى الحرام وفيه سعادتي؟ لماذا أتقيد يالصلاة والصيام وأنا لا أحب التقيد والارتباط؟... ولماذا... ولماذا؟... أليس ينبغي على الإنسان فعل ما يسعده ويريحه ويجد فيه سعادته؟... فالذي يسعدني هو ما تسميه معصية... فَلِمَ التوبة؟
وقبل أن أجيبك على سؤالك أخي الحبيب لابد أن تعلم أنني ما أردت إلا سعادتك، وما تمنيت إلا راحتك، وما قصدت إلا الخير لك في الدارين،...
والآن أجيب عن السؤال وأقول أن التوبة:
1- طاعة لأمر ربك - سبحانه وتعالى -، فهو الذي أمر بها فقال: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا} (التحريم
وأمر الله ينبغي أن يقبل بالامتثال والطاعة.
2- سبب لفلاحك في الدنيا والآخرة: قال - تعالى -: {وتوبوا إلى جميعا أيها المؤمنون لعلكم تُفلحون} (النور31): فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يتذلل، ولا يسرُّ ولا يطمئن، ولا يطيب، إلا بعبادة ربّه والإنابة إليه.
3- سبب لمحبة الله - تعالى -لك، قال - تعالى -: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} (البقرة222) وهل هناك سعادة يُمكن أن يَشعر بها إنسان بعد معرفته أن رحمن السماء والأرض يحبه إذا تاب إليه.
4- سبب لدخول الجنة ونجاتك من النار، قال - تعالى -: {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا(59)إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا} (مريم5960) وهل هناك مطلب للإنسان يسعى من أجله إلا الجنة ؟!
أخي المسلم... أختي المسلمة...
ألا تستحق تلك الفضائل وغيرها كثير أن نتوب من أجلها؟.
لماذا نبخل على أنفسنا بما فيه سعادتها؟... لماذا نظلمها بمعصية الله ونحرمها من الفوز برضاه؟... جدير لنا أن نبادر إلى ما هذا فضله وتلك ثمرته.
يا نفسِ كفي عن العصيان واكتسبي فعلا جميلا لعل الله يرحمني
اللهم نسألك التوبة النصوح ونسألك الثبات حتى الممات وتوفنا شهداء في سبيلك يا رب العالمين ... وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين