ميار مشرف عام
عدد الرسائل : 592 تاريخ التسجيل : 20/04/2008
| موضوع: رحلة مع الله فى ظلام الليل......1 الإثنين 12 مايو 2008, 10:40 am | |
| ]السلام عليكم ورحمه الله وبركاته هذه خاطره صدق لتعبرون بها الافاق فهي رحله مليئه بالكثير [هي طويله شويه ولكنكم ستستمتعون بها كثيرا ولتبكون معي رحله مع الله اسال الله ان لا يحرمني منها وانتم كذلك]بسم الله الرحمن الرحيم
تمددت على السرير أحاول النوم سويعات قليلة قبل أن يحل الصباح لأذهب فيه إلى الكلية لكي يتم تقييمي وتقييم عملي .. لكن يد القلق قد امتدت إلى قلبي و عقلي و أنا على سريري أحاول اختطاف النوم عنوة .. و لم تمض لحظات حتى امتدت يد الخوف هي أيضا إليهما تشارك أختها فتنغص علي ساعات النوم ..
قلق وخوف .. فلقد عودني القدر أن يسوق إلي النوادر طوال حياتي و دائما ما يحدث معي الواحد في المائة في أحلك الأوقات.. ولبثت أتذكر اللحظات الصعبة المتناثرة و الممتدة في شعاب عمري كله . لكن عقلي قد راح يجوب بين الأيام الخالية ، يتحاشى أياما ويلتقط أياما أخرى . كان يلتقط فقط ذكريات صعبة في أيام الكلية الخمسة ويترك ما عداها من الأيام .
تذكرت وتذكرت وتذكرت .. تذكرت كيف كانت الأقدار تصفعني في أضيق الأوقات ..
وراح عقلي وقلبي يحدثاني و أنا أتقلب يمينا ويسارا على سريري : لكن هذا العام هو آخر الأعوام .. و أي خطأ سيحدث سوف يضيع علي أحلاما لطالما عشت فيها و تخيلت تفاصيلها الدقيقة .. و أي نادرة ستصدمني وهذا ليس ببعيد – فأنا سيء الحظ دائما – ستجعلني واهن القيمة ، قليل الحيلة ، فتنسكب مني أمنياتي لتتناثر بعيدا عني فأصاب باليأس طوال عمري ، و أعيش بقية حياتي تتقاذفني الأوجاع و أمكث في مستنقع هابط من الأكدار ..
مكثت هكذا أتقلب يمينا ويسارا قلقا وخوفا ، و تأبى يد النوم الحانية أن تلمس جفن عيني .. و لسوء حظي أبت يد الحزن إلا أن تشارك أختيها .. فامتدت إلي هذه اليد تثير داخلي أوجاعا من صدمات السنين .. خيانة الأخ والصاحب ، وخديعة الأحباب ، وضياع الأمنيات .. أمنيات كم تمنيتها و حلمت بها منذ صغري لكنها طارت بعيدا عني كما يطير الطير الجاحد من قفص صاحبه الذي أطعمه وسقاه حتى كبر .. تأملت كيف ماتت الرقة في قلـــوب الناس ، وكيف هضمت الحقيقة بينهم ، وكيف المودة ضيعت ، وكيف الصدق قل ، وتذكرت معروفا يقدم إلى الناس فيقابله جحود ونكران منهم ، و خير يساق إليهم فيقابلونه بالشر .. تأملت كيف المروءة ضيعت ، و على المودة أسدلت أستار ..
ظلت الأيادي الثلاثة تعتصر قلبي وعقلي حتى سالت دموعي ، ونفدت قواي .. و قلت لنفسي : لا نوم الليلة .. و من خلال خبرة التجربة علمت الحل بسرعة كي تذهب عني هذه الأيادي الثلاثة الشريرة ولو لوقت قصير ..
قمت من على سريري منتفضا ، و لامست قدماي الأرض و هممت بالوقوف ، ثم توجهت شطر صنبور الماء ، و توضأت في لهفة كمن يغسل نفسه من الأوساخ .. لم أعبأ ببرودة الماء .. فحرارة الشوق للراحة والأنس بالله قد ألهبت جسدي ..
تحسست الصمت الصاخب في هذا البيت الفسيح كي استشعر الوحدة و الغربة أشد وأكثر .. ولأملأ وجداني بالوحشة القارصة ، ثم عدت لحجرتي .. و أطفأت الأنوار .. ووليت وجهي شطر القبلة ، و نويت الصلاة ..
ثم دخلت في الصلاة ، ما أجمل هذا .. ! مع كل آية من آيات الله أحس بشعور جميل لا يذوقه إلا من يعيش فيه .. شعور بأني هاجرت الأرض بمن فيها وطرت في السماء أحلق يمينا ويسارا كالصقور الطليقة والبلابل السعيدة بمتعة الحرية .. إنها نعمة ما أجملها من نعمة .. !! أن أسمع المولى عز وجل – وهو الكبير العظيم المتعال – يتحدث إلي وأنا العبد الصغير القليل .. شعرت بأن مشاعر الوحشة القارصة تزول مع هذا الحديث القرآني الهاديء الحنون .. آثار الوحدة والغربة قد زالت .. فها أنا بين يدي من ؟ بين يدي الله الرؤوف الودود !!
أصبحت أسمع صوت الله عز وجل وهو يتحدث إلي يدعوني إلى اليقين به ، و يمسح على صدري ليزيل آثار الحزن و مشاعر القلق الدنيوي التي قد خالجته وامتلأ بها ..
ما ألذ أن ترتمي في أحضان السماء تستشعر داخلها الحنان الإلهي .. و تلقي فيها همومك و أوجاعك التي قد نحلت جسدك و أقرحت قلبك .. شعور بالأمان ملأ كياني و أنا أحتمي بالله عز وجل ، وشعور بالقوة قد أعلى روحي و أنا أتذلل إلى ربي بعيوبي و نقاط ضعفي دون حرج أو حياء فهو أعلم بها مني ..
وجدت قلبي يهدأ و يستشعر حلاوة اليقين و أنا أسمع خطاب الله عز وجل في سورة " النمل " التي شرعت في تلاوتها عن غير تدبير ولا إعداد ، وكأن الله عز وجل قد أراد أن يخبرني بغاية الوجود من خلال هذه الآيات كي أتسامى على صغائر الكون الضئيل جدا أمام هذه الغاية ..
عشت في رحلة علوية جابت كل الوجود .. أحسست فيها بأني أنظر من علو إلى الدنايا التي تملأ هذا الوادي الهابط السحيق ، لكني تذكرت في لحظات خاطفة و أنا في تلك الرحلة مشاهد دنيئة عاينتها في هذا الوادي الدنيوي الضئيل .. ونظرت إليها في تعاجب كما ينظر من يسكنون الجبال إلى من يسكنون السهول .. أحسست بالصغار الذي يملأ هذه الأرض .. تعجبت من اغترار أهل هذه الدنيا بما لديهم .. وما لديهم أقل من معرفة الأطفال واهتمامات الأطفال و تصورات الأطفال ..
و تعجبت وأنا أهيم في أنس الله والعيش في ظلال آياته .. : ما بال الناس ؟ يعيشون في هذه الحياة الدنيئة المليئة بالتوافه و الظنون ويعتقدون أنها كل شيء .. وما بالهم يرتكسون في هذا المستنقع الهابط من الأوحال و الأقذار و يهجرون النداء العلوي الجليل .. النداء العلوي الذي يجعل الإنسان يتخلص من أصله الطيني القذر و ينتسب إلى أصله الإلهي الطاهر السامي ليسكن السماء بروحه التي نفخها الله فيه ..
رحلة في أغوار التاريخ الماضي والحاضر والمستقبل عشتها بحذافيرها وبتفاصيلها الدقيقة من خلال عيشي في ظلال سورة النمل .. اخترقت بعقلي وقلبي أزمنة وعهودا سحيقة ، أتطلع إلى نسب الإنسان العريق الضارب في شعاب الزمان ، و استمعت إلى حديث المولى عز وجل لي يخبرني بدعاة الإصلاح الذين أرسلهم إلى البشرية ليقودوا خطاه إلى الحق والخير و نور الهداية بالإيمان بالحقيقة الوحيدة في هذا الكون التي لن تتغير ولن تتبدل وهي أن الله واحد ، خالد ، خالق ، لا يعبد سواه ، وما دونه هالك ..
و امتلأت بنعيم اليقين بالله - و أنا أستمع إلى خطابه وأنا واقف بين يديه – حينما أخبرني بأن هذا الموكب الكريم من دعاة الإصلاح قد لاقى من قديم الأزل محنات متشابهة وظروفا متشابهة و أزمات متشابهة من أذى وتشريد وتهديد وطرد و اضطهاد وهو يواجه البغي والضلال والفسوق والهوى والطغيان و العمى والظلام .. ظروف كلها متشابهة ورسالة واحدة رغم تغير الدهور و توالي العصور و تبدل الأقوام واختلاف الأراضي والحضارات ..
و أنسى همومي كلها و أنا أسمع المولى عز وجل يحكي لي حكاية موسى عليه السلام الذي أعده الله وجهزه منذ طفولته واصطنعه على عينه .. لقد عاش موسى غريبا شريدا وحيدا منذ ولادته ، و عاش عمره مطاردا هاربا في أرض غريبة .. كل ذلك كان تجهيزا له كي يتحمل رسالة عظمى .. كل ذلك كان إعدادا له كي يخرج ليحرر الناس من الإستعباد والإضطهاد و الطغيان و يحولهم من عبادة البشر إلى عبادة رب البشر ..
هذه رسالة من الله عز وجل إليّ يعلمني أن أي محنة تقابل الإنسان في حياته قد تكون إعدادا له كي يتحمل دورا عظيما يستلزم منه الجلد وقوة التحمل ..
و أمخر عباب القرون الطويلة الضاربة في شعاب الزمن لأصل إلى هذه الحضارة العظيمة الوارفة الظلال .. إنها حضارة دولة سليمان عليه السلام المزدانة بالعلم و الثقافة و القوة العسكرية والإقتصادية العظيمة .. إنها نهضة عظيمة في شتى المجالات .. تعلمت منها ملامح المجتمع الناهض الذي ننشده ؛ مجتمع قوي شاكر ، مثقف حامد ، داعي إلى الله لا يخشى في الله العنت ..
| |
|