اليوم نرتشف من شجرة الإيمان التي :
جذورها الإيمان
وجذعها الإسلام
وغصونها أخلاق الإسلام ,
اليوم أتابع معكم عن الأخلاق الإسلامية
التي إفتقدها كثيراً من المسلمين اليوم
ولا إيمان لمن لا خلق له ,
ولا دين لمن لا خلق له ,
وحديثي اليوم عن
( الحُلم في الإسلام )وقد عرف العلماء الحلم ,
هو ضبط النفس عند ثورة الغضب وتمنوا في زما مها
حذر الإسترسال في هيجانها فيحدث ما لا تحمد عقباه ,
وقد ذكر القرأن الكريم أيات كثيرة بينت أهمية الحُلم
ومن خلال الأيات ومواقف الأنبياء والصالحين نفهم أن :
(الحــُـــــلم هــو سيــد الأخلاق )لكلِ شيءٍ سيد
وسيد الأخلاق هو الحُلم ,
وقد قال الله تعالى :
(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) الأعراف 199
وقال ابن عباس رضي الله عنه بتفسيرهذه الأية :
أن تعطي من حرمك ,
وتصل من قطعك ,
وتعفو عمن ظلمك ,
وقد روى القرأن لنا أمثلة كثيرة عن الأنبياء
كيف تَحلوا
( بخلقِ الحُلم )فكان قومهم يعادونهم بأقوالهم وأفعالهم ,
لكن الأنبياء
ولكن العظماء
لم يعاملوا أصحاب الخساسة بخساستهم
ولا أصحاب الدناءة بدناءتهم
ولا أصحاب العقول بسخافةِ عقولهم
إينما الكبيرُ يبقى كبيراً
والعظيمُ يبقى عظيما
والرجلُ يبقى رجلا
فالبني ( شعيب عليه السلام )
عاداه قومه وأذوه وشتموه فما كان من قومه إلا ان قالوا :
(ياشعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء
إنك لأنت الحليم الرشيد* قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا
وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب *
يا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح
وما قوم لوط منكم ببعيد *واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود *
قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك
لرجمناك وما أنت علينا بعزيز*) هود 87 ـ 88 ــ 89ـ 90 ـ 91
أما سيدنا محمد ابن عبد الله هذا النبي المعظم صلى الله عليه وسلم ,فقد حدث معهُ مواقف أشدُ من ذلك
ففي صحيح ابن حبان والمستدرك قال عبد الله بن سلام:
إن الله تبارك وتعالى لما أراد هدي زيد بن سعنة
قال زيد بن سعنة: إنه لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم
حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما
فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله،
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجرات ومعه علي بن أبي طالب فأتاه رجل على راحلته كالبدوي،
فقال: يا رسول الله قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام
وكنت أخبرتهم أنهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغداً وقد أصابهم شدة وقحط من الغيث
وأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعاً كما دخلوا فيه طمعاً
فإن رأيت أن ترسل إليهم من يغيثهم به فعلت،
قال:فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل إلى جانبه أراه عمر
فقال: ما بقي منه شيء يا رسول الله،
قال زيد بن سعنة: فدنوت إليه فقلت له يا محمد:
هل لك أن تبيعني تمراً معلوماً من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا،
فقال: لا يا يهودي، ولكن أبيعك تمراً معلوماً إلى أجل كذا وكذا ولا أسمي حائط بني فلان،قلت: نعم فبايعني صلى الله عليه وسلم فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالاً من ذهب
في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا،
قال: فأعطاها الرجل
(وقال اعجل عليهم وأغثهم بها)قال: زيد بن سعنة فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار
ومعه أبو بكر وعمر وعثمان ونفر من أصحابه فلما صلى على الجنازة دنا من جدار فجلس إليه
فأخذت بمجامع قميصه ونظرت إليه بوجه غليظ ثم قلت :
ألا تقضيني يا محمد حقي فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب بمطل ولقد كان لي بمخالطتكم علم
قال :ونظرت إلى عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ثم رماني ببصره
وقال أي عدو الله أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع وتفعل به ما أرى
فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي هذا عنقك
ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة،
ثم قال
(إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التباعة ) أي حسن الطلب
اذهب به يا عمر فاقضه حقه وزده عشرين صاعا من غيره مكان ما رعته، قال زيد: فذهب بي عمر فقضاني حقي وزادني عشرين صاعا من تمر
فقلت:ما هذه الزيادة،
قال:أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رعتك
فقلت أتعرفني يا عمر
قال: لا، فمن أنت
قلت: أنا زيد بن سعنة
قال: الحبر
قلت: نعم الحبر
قال: فما دعاك أن تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلت وتفعل به ما فعلت
فقلت:يا عمر كل علامات النبوة قد عرفتها في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أختبرهما منه
(يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما )فقد اختبرتهما فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا
وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً وأشهدك أن شطر مالي فإني أكثرها
مالا صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم
فقال عمر :أو بعضهم فإنك لا تسعهم كلهم
قلت: أو على بعضهم
فرجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال زيد:أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
فآمن به وصدقه وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مشاهد كثيرة
ثم توفي في غزوة تبوك مقبلاً غير مدبر رحم الله زيداً
قال الهيثمي في المجمع وابن حجر في الإصابة:رجاله ثقات إنتهى ,
من هذا المنطلق ومن غيره من المواقف العظيمة
ومن
خُلق الحُلم الذي تجسد في خُلق وشخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم
بين لنا فضيلة هذا الخُلق العظيم بقوله :
(ليس الشديد بالصرعه ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه البخاري
عن ابن مسعود قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار تحرم على كل قريب هيّن ليّن سهل ) رواه الترمذي
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني
قال(لا تغضب) فردد مرارا
قال(لا تغضب) رواه البخاري
قمت بزيارة إلى مجمع المحاكم الشرعية بدمشق ويسمى ( القصر العدلي )
ورأيت العجب من الطلاق وأسبابه
فسألت رجلاً لماذا طلقت زوجتك قال : حلفت عليها وأنا غاضب ؟؟؟
أين حلمك على أهلك على أولادك على زوجتك
حلفت عندما كنت تظن نفسك أنك رجل وتأتي وتقف امام الذي يفتيك وتشعر بنفسك أنك صغير ؟؟
أين الحلم تتوسع حتى في حدود الله ووقعت في الحرام لعدم التحقق والإتصاف
بخُلق الحلم ووقعت في حرجِ وضرٍ وأذى لعدم التخلق بخُل
ق الحلم ,
وفي منطقة بدمشق تسمى ( جوبر )
أراد أحد المواطنين وهو معزوم لحضور الأفطار بأواخر رمضان أن يوقف سيارته
فجأه أحدهم وقال : هذا موقف سيارتي وأنا أسكن بهذه العمارة وبعد التحاور إشتد النقاش
فما كان من الشخص المعزوم إلا أن أشهر مسدسه وأطلق رصاصتين على محدثه أرداه قتيلا
فسمع أخاه فنزل من بيته هائجاً على دم أخيه فأطلق الجاني عليه النار فأرداه قتيلاً أيضاً
فقتلَ شقيقين قبل الإفطار ب 45 دقيقة
وعندما سئل لماذا فعلت ذلك ؟؟؟
قال للمحقق : إنني صائم ولم أتمالك نفسي ؟؟؟
ياسبحان الله هل الصيام شماعة نضع عليها أخطأنا ؟؟؟
أين أخلاق الإسلام ( الصبر , الحُلم , )والحكماء قالوا وعلى رأسهم ( الأحنف ابن قيس )
(قال ماعاداني أحد إلا نظرت بأمره بإحدى ثلاث خصال :
إن كان أعلى مني عرفت له قدرا
وإن كان دوني رفعت قدري عنه
وإن كان نظيري تفضلت عليه بالحلم والعفو)شتم رجلاً ( الشعبي )وإسمه :عامر بن شرحبيل
فقال له:
(ياهذا إن كنتُ فيما تقول غفر الله لي
وإن لم أكن كما تقول غفر الله لك )وقال بعضهم :
(إذا سكتَّ عن الجاهل فقد اوسعته جواباً وأوجعته عقاباً)وفي هذا المعنى قال الشاعر :
ولقد أمرُ على اللئيم يسبني فمضيت ثمة قلت لا يعنيني
لو كل كلب عوى ألقمته حجرًا كان الحصى كل مثقال بدينارِأيها الأخوات والأخوة :الترفع عن الصغار معزة
الترفع عن الثرثار كرامة
الترفع عن أصحاب النفوس الضعيفة عظمة ومن أراد ان يكون عظيماً فليتحلى بخُلق الحُلم الذي إتصف الله عز وجل بهِ :
الـحــليم
ووردت بالقرأن الكريم ب6 أيات:
(
وأعلموا أن الله غفور حليم )البقرة 235
(ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة
ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا ) فاطر 45
وقد وصف الله سيدنا إبراهيم عليه السلام :
(إن إبراهيم لحليمٌ أواه منيب ) هود 75
والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم تحلو
بخلقِ الحُلم أخوتي بالله :
فإذا كنتم كباراً ترفعوا عن الصغار
وإذا أردتم أن تكونوا عظماء فسير وا بسيرة الأنبياء والحكماء
يرفع الله قدركم وشأنكم بالدنيا والأخرةأدعوا الله أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ,
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين