عدد الرسائل : 375 العمر : 44 الموقع : https://10003g.yoo7.com تاريخ التسجيل : 20/04/2008
موضوع: هل هناك واسطة بين الله وعباده الخميس 26 يونيو 2008, 1:06 pm
هل هناك واسطة بين الله وعباده ؟
عندما نسأل سؤالا خاطئاً لا مفر من أن تكون الإجابة خاطئةعندما نسأل: من الذي أنجبنا الأم أم الأب ؟ لا يمكن أن نتلقى إجابة صحيحة فلو قلنا الأم فقط أو الأب فقط تكون الإجابة خاطئة والحال نفسه لو سألنا بأي اليدين نصفق ؟ بأي العينين نرى ؟ بأي الفكين نأكل؟ بأي الشهادتين ندخل الإسلام (شهادة أن لا إله إلا الله أم شهادة أن محمدا رسول الله) في بعض الأسئلة لا تكون الإجابة الوحيدة القاطعة إجابة صحيحة . وهناك سؤال شائع يخضع لهذه القاعدة وينتمي إلى هذه القبيلة من الأسئلة: هل التوسل حلال أم حرام ؟ لو قلنا حلال خطأ ولو قلنا حرام خطأ لابد من الإجابتين معا لكن كيف ؟ كيف يلتقي الحلال والحرام معا ؟ أعطني قلبك وعقلك وصبرك قبل أن نخوض في التفاصيل . التوسل هو: استخدام وسيلة لبلوغ غاية تعريف لا علاقة له بالدين حتى الآن فالعين وسيلة رؤية يستخدمها الحيوان والإنسان الكافر والمسلم واللسان وسيلة نطق لجميع البشر على كافة اختلافاتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم ولا يجوز هنا أن نسأل ما رأى الدين في رؤية العين أو نطق اللسان أو شم الأنف أو سمع الأذن المسلم وغير المسلم يستخدمون هذه الوسائل التي نطلق عليها حواس بل إن الطيور والحيوانات تستخدمها أو بعضها ومن ثم نضيف لتعريف التوسل: أنه إستخدام وسيلة لبلوغ غاية وهو ضرورة فطرية . ولا أحد يجادل في أن الإسلام هو دين الفطرة ويتماشى معها وبالفطرة نستخدم الحواس مثلنا مثل غيرنا أي لا علاقة لهذه الضرورة الفطرية بالدين لكن الإسلام قنن استخدام هذه الوسائل فتركنا نسمع بآذاننا بشرط ألا نتسمع بها على الآخرين بشرط ألا نتجسس عليهم تركنا نرى بأعيننا بشرط ألا ننظر إلى ما حرم الله قال:قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهنإذن العين مثلا وسيلة لا نقول إنها مباحة مطلقا أو محرمة مطلقا والذي يبيحها أو يحرمها هو الغاية فإذا كان ما أنظر إليه مباحا تكون الوسيلة هنا وهي العين حلالا والعكس صحيح . ويصبح تعريف التوسل هو: إستخدام وسيلة لبلوغ غاية وهو ضرورة فطرية تحل بحل غايتها وتحرم بحرمتها ومن ثم فتحريم التوسل مطلقا كالأمر بإغماض العينين أمر ضد الفطرة وتحليل التوسل مطلقا كالأمر بفتح العينين على كل شئ بما في ذلك المحرمات دون حساب الشرع إن استخدام السكين مشروع كوسيلة قطع تنفع الناس لكنه غير مشروع كوسيلة ذبح تقتل وتضر الناس فلا يجوز إباحتها أو تحريمها على الإطلاق يقول الله:وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهمما يقضيه الله يذعن له المؤمن ولا خيرة لنا فيه وهناك وسائل ترك لنا الخيار في إستخدامها على أن نحاسب على كيفية استخدامنا لها فلو لم يترك لنا الخيار في استخدام الحواس لكان كل منا مسيرا غير محاسب لكنه ترك لكل منا الخيار رابطا المعرفة بالاستطاعة إذن ليس كله مباحا إلا في حدود ما شرع الله . وبعد هذه المقدمة التي طالت نصل إلى علاقة التوسل بصميم الشرع إن هناك من يرفض وجود واسطة بين الله وعباده ويرفض التوسل ويحرمه وبالعقل نقول:إن اللهقادر قدرة مطلقة على الوصول إلى عباده مباشرة فسبحانه وتعالى يقول:ولو شئنا لآتينا كل نفس هداهاوهو عز وجل قادر على الوصول مباشرة لهداية الناس هذا صحيح لكن لماذا جعل الرسل بينه وبينهم مع أن الرسل من عباده ؟ ثم لماذا جعل أمين السماء جبريل بينه وبين الرسولمع أنه قادر على تكليم الرسل مباشرة كما كان الحال مع سيدنا موسى:وكلم الله موسى تكليما؟ لماذا كان جبريل وسيطا هنا رغم أن سيدنا محمدأعلى منزلة من سيدنا موسى ؟ إن الرسولبالطبيعة والمهمة وسيلة لتوصيل كلام الله إلى عباده يقول:لتبين للناس ما نزل إليهمثم ألا يعتبر أمين الوحي جبريل وسيلة بين الله ورسله ؟ بلى هذا ما أراده الله فمن يحكم بحرمة الوسيلة مطلقا كمن لا يرضيه حكم اللهالذي يقول:قل أتعلمون الله بدينكم . إن كلمة رسول على إطلاقها تعني واسطة أو وسيلة هيئة البريد واسطة بين المرسل والمرسل إليه أي حامل رسالة بين شخصين هو واسطة بينهما إن لا أحد يدخل الإسلام إلا إذا نطق الشهادتين لا إله إلا الله محمد رسول اللهماذا تعني (محمد رسول الله) تعني أن سيدنا محمدوسيلة استخدمها اللهوهو غني عنها لإبلاغ رسالته إلى الناس . ياأيها الناس إني رسول الله إليكمألا يعتبر الرسول واسطة بحكم اللهلذلك لا يجب تحريم الوسيلة تحريما مطلقا لأن هذا يدخلنا في المحظور فإذا لم يكن الرسولوسيلة فماذا يكون ؟ إذا ما أنكرناه كوسيلة فإنهيكون مصدر الرسالة وليس حاملها وهذا خطورة على الإيمان لدرجة لا يمكن تصورها . إن كلمة رسول في اللغة العربية – التي تستوعب كلماتها كثيرا من المترادفات – تعني واسطة أو وسيلة أو وسيطا وهو ما يجعلنا نسلم بأن الرسول ليس مصدر الرسالة بل حاملها إلى المقصودين بها علينا أن نسلم بوجود الوسيلة أو الواسطة بشرط أن تدخل تحت قوانين وقواعد الشرع بشرط أن نربطها بالغاية إن القول بأن الغاية تبرر الوسيلة مطلقا هو قول خاطئ والقول إن الغاية لا تبرر الوسيلة مطلقا قول خاطئ والصحيح أن الغاية تبرر أو لا تبرر الوسيلة رجوعا إلى مبدأ ربط الوسيلة بالغاية . والمؤكد أن الشهادة بأن (لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله) تعني أنه ليس هو الله مصدر الرسالة أو ابنه أو شريكه وإنما هو وسيلة إرتضاها اللهبإرادته – وهو غني عنها – لتوصيل رسالته إلى عباده وجعل الله بينه وبين سيدنا محمدواسطة أخرى هو سيدنا جبريلوالله غني عن هذه الواسطة أيضا بدليل ما حدث في رحلة المعراج فعند موضع معين توقف سيدنا جبريلعن مرافقة الرسولقائلا:وما مناإلا له مقام معلومهذا يدلنا على أن تحريم التوسل أو الوسيلة أو الواسطة ليس مطلقا وإباحته ليس مطلقا في مرحلة معينة كأن سيدنا جبريل واسطة وفي مرحلة أخرى لم يكن كذلك . لا بد من الوسيلة حتى وإن كان المتوسل أفضل من المتوسل به الرسول متوسل جبريلمتوسل به ولكن حكم الله يجب أن يكون على كل مؤمن ومؤمنةأأنتم أعلم أم اللهإذن الوسيلة هي: واسطة المتوسل لبلوغ غاية وهو ما يؤكده قوله:والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه؟ إن الله ورسوله لم يحرما الاستعانة بطبيب الطبيب وسيلة للشفاء لو لم نعتبره كذلك فإنه يعتبر الشافي لكن الشافي هو الله والطبيب مجرد وسيلة ارتضاها الله وهو غني عنها لقدرته على شفاء المريض ِدون طبيب . إذن إنكار التوسل مع نطق الشهادتين هو إسلام باللسان هو نطق باللسان دون أن يقر ذلك في القلب فالرسول وسيلة ومن ينكر ذلك فقد أنكر الشهادة في قلبه يقولون بأفواههم ما ليس في اعتقادهم بأن الرسول وسيلة . وأجاز بعض العلماء التوسل بالأحياء دون الأموات وكأنهم ينسبون للأحياء قدرة يفقدونها بموتهم فالله هو الفعال وهو قادر على نفع عباده بوسيلة حية أو ميتة وهذا هو صحيح الإيمان فكل الأطعمة التي نتناولها لا حياة فيها (الأسماك واللحوم مثلا) ينفعنا الله بها بعد الذبح والطهي مع أنها فارقت الحياة إن هذه الأشياء في حد ذاتها ليست نافعة وإنما اللههو الذي ينفعنا بها وهذه حكمته في خلقه يرزق بالغني الفقير (حيا بحي) ويرزق بالحيوان إنسانا ويرزق بالميت الحي (اللحم الذي نأكله يصبح خلايا حية في أجسادنا) لو اعتقدنا أن الله هو الفعال فلا فرق بين حي وميت لأنه لا قدرة لحي أو لميت دونه . أما إذا أراد الله أن يقوض عبدا من عباده الذين لا يقدرون على شيء أو يأذن له بإذنه عندئذ يكون العبد فعالا بإذن الله ولا حدود لإذن الله لقد أذن الله لعيسى أن يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه سيدنا عيسى فيكون طيرا بإذن الله وأذن له أن يبرئ الأكمه والأبرص وأذن له أن يحيي الموتى إن صاحب القدرة هو الله والمأذون فعال في حدود ماأذن الله به وبسلطان منهلقد أذن الله لعيسى مثلا أن يحيي الميت لكنه لم يأذن له أن يميت الحي ولا حدود لسعة الإذن الإلهي فيوم القيامة سينفخ إسرافيلفي الصور (البوق) فيصعق من في السموات والأرض لا بالنفخة وإنما بالإذن الإلهي يقول:ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا ما شاء اللهثم يأذن له مرة أخرى فينفخ في الصور نفسه فيحيا من صعق مرة أخرى يقول:ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرونما أحياهم البوق وإنما أحياهم الإذن الإلهي وأنفلق البحر لموسى عندما ضرب بالعصا فكان كل فرق كالطود العظيم لا بالعصا إنفلق ولا بموسىإنفلق ولكن بالإذن الإلهي انفلق أو بالأمر الإلهي كما في قوله:اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم. إن الله هو المالك المتصرف القادر لا يتم شيء في الوجود إلا بإذنه وإرادته وأمره وقدرته هو المانح للإذن والقادر على نزعه أو سلبه أو تجريده يقول:قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير . وحجة المعترضين على التوسل هي: لا تجعل بينك وبين الله واسطة نحن لم نخلق هذه الواسطة الله هو الذي جعل بينه وبيننا واسطة وهي هنايقول:ما على الرسول إلا البلاغ ويخشى المعترضون على التوسل أن يخلط العامة بين الواسطة ومصدرها فيضلوا يقول:ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيماوكأنها مسألة حسابية تكتب هكذا: جاءوك + استغفروا الله + استغفر لهم الرسول = لوجدوا الله توابا رحيما إذا سقط من رأس المعادلة مقدار إختلت تماما لابد من أن يأتوا للرسول وأن يستغفروا الله وأن يستغفر لهم الرسول ليجدوا الله توابا رحيما. لكن المنافقين أبوا أن يذهبوا إلى الرسول وقالوا: كيف نذهب إلى بشر مثلنا فلنستغفر الله مباشرة دون واسطة ولا داعي للذهاب إليه قالوا ذلك وهم يتصورون أنهم سيحصلون على نتيجة المعادلة:لوجدوا الله توابا رحيماوقد قبل الرسولأن يستغفر لهم عن بعد لكن حكم الله هو حكم الله يقول:وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقينهذا هو الفسق التكبر على الإتيان إلى رسول الله ورفض منحة إلهية وهى التوسل إلى الله برسوله. ويفسر الذين يحرمون التوسل قول الله:وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعانيفسرونه على عدم التوسل برسول الله مع أنه عين التوسل بهفاللهيقول:وإذا سألك عبادي عني ولم يقل وإذا بحث عبادي عني إذن فشرط أن يكون الله قريبا من عباده أن يأتوا ويسألوا رسوله الكريم عنه:إن شرط إجابة الدعوة هنا أن يأتوا إلى الرسول ويسألوه عن اللهإن سرعة تفسير كلام الله يضعنا في خطأ قد يتجاوز حدود ما يمكن قبوله ولا حول ولا قوة إلا بالله